حقوق المرأة في المجتمع العربي : التحديات والإنجازات
مقدمة
تعد حقوق المرأة من المواضيع التي نالت اهتمامًا عالميًا في العقود الأخيرة، حيث تعتبر قضية حقوق النساء إحدى القضايا المحورية التي تؤثر على العدالة الاجتماعية والتقدم الاقتصادي في المجتمعات، وفي المجتمعات العربية، على الرغم من التقدم الذي تم إحرازه في مجالات عدة، ما زالت المرأة تواجه تحديات كبيرة تتعلق بالمساواة والحقوق الأساسية، لذلك خصص الحكومات جزء مهم من سياستها واستراتيجياتها القطاعية للنهوض بمكانة المرأة خاصة في المغرب.
التحديات التي تواجه المرأة في المجتمع العربي
-
العادات والتقاليد :
تلعب العادات والتقاليد دورًا كبيرًا في تحديد مكانة المرأة في المجتمعات العربية، حيث لا تزال بعض المجتمعات تعتبر أن دور المرأة يجب أن يقتصر على البيت والأسرة، وهذا قد يؤدي إلى تقييد فرصها في الحصول على التعليم والعمل والمشاركة السياسية، حتى وإن تم منحها بعض الحقوق إلا أنها تبقى حقوق ناقصة، محكومة بنظرة المجتمع والتقاليد التي تطبع البيئة الاجتماعية العربية، بالرغم من وجود تغيرات كبيرة في هذه البنية.
-
العنف ضد المرأة :
يعتبر العنف ضد المرأة إحدى الظواهر المقلقة في العالم العربي، وعلى الرغم من التشريعات التي تهدف إلى حماية المرأة من كل مظاهر المساس بكرامتها وحريتها، فإن العديد من النساء لا يزلن يعانين من العنف الأسري و التحرش الجنسي، ما يحد من مشاركتهن الفاعلة في المجتمع.
-
التفاوت في التعليم والعمل :
في بعض الدول العربية، تعاني النساء من فجوة تعليمية حيث تُمنح الفرص التعليمية للذكور أكثر من الإناث، كما أن المرأة العربية ما زالت تجد صعوبة في دخول بعض المجالات المهنية أو القيادية بسبب التمييز في سوق العمل، لكن رغم ذلك إلى أن العديد من النساء استطعن كسر الثابت وأصبحت يتقلدن مناصب المسؤولية، بل أضحين يمارسن أعمالا كانت حكرا على الرجل لأزمنة عديدة.
-
التحديات القانونية :
رغم وجود بعض القوانين التي تحمي حقوق المرأة، إلا أن هناك العديد من القوانين التي لا تعترف بالمساواة بين الرجل والمرأة، خاصة فيما يتعلق بحقوقها في الزواج، والطلاق، وحضانة الأطفال، والوراثة، وذلك أمر طبيعي وذلك بالنظر للخصوصيات التي تطبع المجتمعات العربية، لكن هناك تقدم ملموس في هذا الجانب على مستوى بعض التشريعات العربية، خاصة مدونة الاسرة المغربية، والقانون التونسي أيضا.
الإنجازات التي حققتها المرأة في المجتمع العربي
-
التعليم والمشاركة السياسية :
على الرغم من التحديات التي تواجه المرأة في بعض المجتمعات العربية، فقد حققت المرأة العربية تقدمًا كبيرًا في مجال التعليم، وقد شهدت السنوات الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في أعداد النساء اللواتي يحصلن على شهادات جامعية، وبعضهن حصلن على أعلى درجات العلم، بل تمكن من الولوج إلى أعرق الجامعات العالمية، إضافة إلى ذلك، بدأت النساء في بعض الدول العربية في المشاركة السياسية، سواء عبر الانتخابات أو من خلال تولي مناصب وزارية.
-
التمكين الاقتصادي :
في العديد من الدول العربية، بدأت المرأة تشغل مناصب قيادية في المؤسسات الكبرى، والقطاع الخاص، مما ساعد في تعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة، كما ظهرت الكثير من المبادرات التي تهدف إلى دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تديرها النساء، سواء كان ذلك بشكل فردي أو جماعي، كما هو حالة التعاونيات في المغرب سواء الفلاحية أو الصناعية أو الخدماتية.
-
التشريعات القانونية :
تحققت بعض الإنجازات القانونية المتعلقة بحقوق المرأة، مثل قوانين مكافحة التحرش الجنسي، والتعديلات على قوانين الأسرة التي تدعم حقوق المرأة في بعض الدول مثل تونس والمغرب، كما بدأت بعض الدول العربية في سن قوانين حماية المرأة من العنف والإهمال الأسري.
-
دور المرأة في المجتمع المدني :
أصبحت النساء في العالم العربي يلعبن دورًا متزايدًا في منظمات المجتمع المدني، حيث أسسن العديد من الجمعيات التي تهتم بقضايا الحقوق والحريات والتمكين الاجتماعي للنساء، هذه الجمعيات عملت على رفع الوعي وتحقيق تغييرات إيجابية في مجتمعاتهن.
المجتمع والدولة : دورهم في تعزيز حقوق المرأة
-
دور المجتمع المدني:
في السنوات الأخيرة، لعبت المنظمات النسائية دورًا كبيرًا في تحقيق التغيير الاجتماعي في العديد من الدول العربية، حيث قامت هذه المنظمات بنشر الوعي حول قضايا المرأة، ونظمَّت حملات توعية للحد من العنف ضد المرأة، ودعمت تشريعات تكفل حقوقها.
-
دور الدولة :
لا يمكن إغفال دور الدولة في تطوير سياسات تشريعية داعمة لحقوق المرأة، فقد بذلت بعض الحكومات العربية جهودًا في إصلاح التشريعات من خلال سن قوانين تدعم المساواة بين الجنسين، وتحمي حقوق المرأة في الزواج، الطلاق، والعمل.
خاتمة
تعد قضية حقوق المرأة في المجتمع العربي قضية معقدة ومتعددة الأبعاد، على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهها المرأة، إلا أن هناك العديد من الإنجازات التي تحققت على مختلف الأصعدة، مع استمرار الجهود من قبل المجتمعات العربية والحكومات والمنظمات الدولية، يمكن أن تشهد المجتمعات العربية مزيدًا من التقدم نحو تحقيق المساواة الكاملة بين المرأة والرجل في المستقبل القريب.