بوصلة الثقافة
أخر الأخبار

الخوارزميات تفكر بدلا عنك

هل نفقد إرادتنا الرقمية؟

مقدمة

هل حدث أن فتحت منصة ما، ووجدت أمامك بالضبط ما كنت تفكّر به؟ فيديو، منتج، أو حتى فكرة؟

هذا ليس سحرًا… إنها الخوارزميات.

لكن السؤال الأهم: هل ما نراه على الإنترنت هو ما نريده فعلًا؟ أم ما أرادته الخوارزميات لنا؟

🧠 ما هي الخوارزميات؟ ولماذا هي خطيرة بهذا الشكل؟

الخوارزميات ليست أكثر من تعليمات مبرمجة تتبعها الآلة لمعالجة البيانات واتخاذ قرارات.

لكن حين تتعلّم هذه الخوارزميات من سلوكنا، وتُعيد تشكيل المحتوى الذي نراه، تصبح أكثر من مجرد أداة: تمسي “عقلًا مساعدًا” يوجّه وعينا الداخلي، وتسحبنا إلى عالمها.

ومنصة مثل “يوتيوب” أو “تيك توك” أو “نتفليكس” أو “فيسبوك” أو “انستغرام”، لا تُظهر لك كل شيء، بل تُظهر لك ما تعتقد أنك ستحبّه — أو ما يُبقيك متصلًا لأطول وقت، مع انتهاء مقطع تظهر لك آخر من نفس الطين بهدف الاستمرار في المشاهدة.

🎯 التخصيص الخوارزمي: من راحة المستخدم إلى تشكيل وعيه

صحيح أن الخوارزميات تريحنا من عناء البحث الطويل، لكنها تفعل أكثر من ذلك:

  • تُفلتر المعلومات: فتُريك فقط ما يتماشى مع سلوكك السابق، مما يُعزز فقاعات الرأي (filter bubbles).
  • تُعزّز الانحيازات: لأنك ترى مرارًا نفس النوع من المحتوى، تتشكل قناعاتك دون تنوّع.
  • تُوجّه القرارات: من اختيار الفيلم، إلى شراء المنتج، إلى اتخاذ مواقف سياسية أو فكرية.

وهكذا، تتحول الإرادة الرقمية إلى صدى للخوارزمية، لا لما نريده أو نختاره بحرية حقيقية.

📱 أمثلة على فقدان الإرادة الرقمية

1. السوشال ميديا :

توصيات الأصدقاء والمنشورات “المرغوبة” تجعلك تستهلك محتوى لم تبحث عنه أساسًا.

2. الإعلانات الذكية:

تُتابع نقراتك، وتُلاحقك بعروض موجهة، حتى تقتنع أنك كنت تريد الشراء أصلًا.

3. منصات المحتوى:

كل نقرة تشكّل خريطة تفاعلك، والخوارزمية تستخدمها لصنع تجربة لا تخرج منها بسهولة.

⚖️ بين الفائدة والخطر: هل من مفرّ؟

لا شك أن الخوارزميات تقدم فوائد عملية كبيرة: توصيات مناسبة، تسريع في البحث، تنظيم المحتوى.

لكن الثمن هو:

  • التنازل عن عشوائية الاكتشاف.
  • التضييق على التنوّع.
  • تآكل الاستقلالية الرقمية.

فإذا كان كل شيء يُفصّل لك، فمتى كانت آخر مرة قرأت شيئًا “خارج نمطك” أو فكّرت بطريقة لم تُقترح لك؟

🔐 كيف تستعيد إرادتك الرقمية؟

✅ مارس “التعرّض المقصود”:

ابحث عن مصادر جديدة لا تُشبه ما تتابعه عادة. كسر النمط بداية للوعي.

✅ تحكّم في وقتك الرقمي:

استخدم أدوات لتحديد وقت التصفح، وراقب تغيّر مزاجك بعد كل جلسة.

✅ فعّل دورك كمستخدم ناقد:

كلما مرّ عليك محتوى، اسأل نفسك: لماذا ظهر لي؟ من المستفيد من بقائي هنا؟

✅ خفّض الاعتماد على التوصيات:

اقرأ كتبًا من اختيارك، تابع منصات لا تعمل بالتخصيص الذكي فقط، واقرأ من مصادر مختلفة.

❓ أسئلة شائعة:

هل الخوارزميات تتحكم بنا فعلًا؟

نعم، بدرجات متفاوتة. كلما ازداد اعتمادك على التوصيات، قلّ تأثير إرادتك الخاصة.

هل يمكن للإنسان أن يتصفح بوعي كامل رغم الخوارزميات؟

يمكنه ذلك إن أدرك وجود الخوارزمية، وأصرّ على التنويع والتفكّر.

هل هذه التقنية سيئة بطبيعتها؟

الخوارزميات ليست “شريرة”، لكنها مُصممة لغاية ربحية: إبقاؤك متصلًا أطول. والوعي بذلك هو الخطوة الأولى.

✨ الختام: كن أنت من يقرر

في عالم تُنسّق فيه الخوارزميات ما نراه ونسمعه، تبدأ المقاومة من سؤال بسيط:

هل هذا خياري؟

إذا كنت لا تعرف الجواب… فقد تكون قد سلّمت زمام إرادتك دون أن تدري.

“الكلمة دواء…وترياقنا ثقافة”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى